متلازمة داون من الاضطرابات الجينية التي يصاب بها فئة من الأطفال، ويصاب العديد منا بالصدمة حين يعلم أن طفلاً مصاباً باضطراب متلازمة داون، وتتراود الأسئلة علي أذهان أولياء الأمور والوالدين حين يعلموا أن تشخيص المرض لدى طفلهم هو متلازمة داون، فما هو الشيء الذي سبب لهم الإصابة بمتلازمة داون؟ وما هو الخلل الذي حدث تسبب في الإصابة بالمتلازمة؟ وهل متلازمة داون وراثية؟ وهل هناك علاج لمتلازمة داون أم أن الطفل سيظل هكذا طيلة عمره ؟وهل ما يثار حول حالات شفيت من متلازمة داون حقيقي أم مجرد إشاعات تتردد؟
وغيرها من الأسئلة التي ترد على الذهن ولذا سنضع القارئ من خلال هذا الموضوع أمام إجابات شافية كافية بإذن الله حول الاضطراب، والتعرف على مرض متلازمة داون من جميع الجوانب من التعريف بالمرض وأسباب الإصابة بمتلازمة داون، وهل هناك مراكز علاج متلازمة داون في العالم متخصصة في علاج الاضطراب، وهل يوجد علاج طبيعي لمتلازمة داون وغيرها من التساؤلات التي بحاجة إلى إجابة شافية كافية مطمئنة لأولياء الأمور.
متلازمة داون
و تعرف باسم الحالة المنغولية وهي حالة مرضية تصيب الأشخاص في مرحلة الطفولة، وتستمر معهم طيلة حياتهم وسبب متلازمة داون حدوث خطأ بانقسام الخلايا الجينية، إذ تنقسم بشكل ثلاثي بدل من الانقسام بشكل ثنائي، ويرجع ذلك بسبب عدم حدوث اتفاق في عدد الصبغات داخل الخلية، وزيادة عددها عن 46 صبغة.
وسميت المتلازمة بالمنغولية لأن الطفل يولد بملامح تشبه أهل منغوليا، تم اكتشاف متلازمة داون من قبل الطبيب البريطاني الشهير جون لانغدو داون في عام 1966 وقد سمي الاضطراب الوراثي الشائع نسبياً بـداون نسبة إليه .
كيف تتكون صفات الإنسان الوراثية ؟
كما عرفنا أنها خلل في الصفات الجنينة للطفل أثناء التكوين، لذا سنتحدث عن كيفية تكون صفات الإنسان الوراثية، حيث يتكون جسم الإنسان من مجموعة من الأجهزة، والتي تعمل بشكل متناسق مع بعضها البعض وكل جهاز من تلك الأجهزة يتكون من مجموعة من الأنسجة، والنسيج الواحد يتكون من عدة خلايا، وتعد الخلية هي الوحدة التركيبية والأساسية في الإنسان، ومن أهم المكونات التي توجد في الخلية هي النواة والتي تحتوي على المعلومات الوراثية التي تحمل أسرار الحياة.
فهي الجزء المسجل عليه تكوين كافة أجزاء الجسم من جهة التركيب، والوظيفة وذلك عن طريق الجينات المحفوظة على شكل (كروموسومات )، ومن أهم وظائف النواة أيضاً أنها مسؤولة عن الانقسام، وهذا الانقسام الحاصل يتم من خلاله نقل المعلومات الوراثية بين الأجيال .
كل خلية من الخلايا الموجودة في جسم الإنسان تحتوي على 46 كرموسوم على شكل 23 زوج من الكروموسومات، و22 زوج من الكروموسومات الجسدية مسؤولة عن الصفات الجسدية، وزوج واحد من الكروموسومات هو المسؤول عن تحديد نوع الجنس سواء كان الجنس ذكر ” xy ” أو كان النوع أنثى ” XX” ، وهذه الكروموسومات نصفها موروث من الأم والنصف الآخر موروث من الأب .
كيف تحدث الإصابة بمرض متلازمة داون ( الطفل المنغولي)
النوع الشائع من المتلازمة أنها تحدث نتيجة وجود ثلاث كروموسومات من كرموسوم رقم 21، والعدد الطبيعي هو 2 كرموسوم إذا هناك زيادة أصلاً في عدد الكروموسومات من البداية، فبدلاً من أن تكون 46 فهي 47 كرموسوم، والعدد الطبيعي المفترض أن يكون هو 46 كرموسوم كما سبق التوضيح في المحور السابق، فيكون الكرموسوم الزائد في الزوج 21 ولذا تسمي المتلازمة ” متلازمة كرموسوم 21 الثلاثي ” .
والزيادة في عدد الكروموسومات تحدث قبل حدث التلقيح أي قبل الحمل، وبشكل محدد قبل تكوين البويضات لدى المرأة وهذا هو الغالب، أو قبل أن يتم تكوين الحيوانات المنوية فبدل أن تنقسم خليها بها 46 كرموسوم إلى خليتين بكل واحدة 23 كرموسوم لكن في تلك الحالة (متلازمة داون) أصبح في أحد الخلايا 24 صبغة، بينما الأخرى 22 صبغة والصبغة الزائدة هي صبغة من كرموسوم 21، وفي حين تلقيح هذه البويضة الغير طبيعية بحيوان منوي سليم تصبح مجموع الكروموسومات 47، وتحدث الإصابة بمرض متلازمة داون .
ما هي أسباب متلازمة داون ؟
بالرغم من معرفة كيفية حدوث الإصابة بالمتلازمة وكيف يحدث انقسام غير طبيعي في الخلايا في الكرموسوم 21، ويؤدي الشذوذ الحاصل في انقسام الخلايا إلى مادة جينية زائدة عمن الكرموسوم 21 ، وهذا الصبغ مسؤول عن السمات المميزة ومشكلات النمو التي ترتبط بمتلازمة داون، وهذا توضيح كيفية حدوث المتلازمة لكن أسباب متلازمة داون غير معروفة، ولم يتوصل العلماء إلى الأسباب الحقيقة والمحددة وراء هذا الشذوذ في انقسام الخلايا، والذي ينتج عنه الإصابة بمتلازمة داون للأطفال .
هل متلازمة داون وراثية ؟
لا بد من التفريق بين المريض الجيني والمرض الوراثي إذ إن المرض الجيني يحدث نتيجة طفرة في الجينات، والسبب في ذلك العديد من العوامل كالتعرض للإشعاعات، أو الكيماويات أو ربما طفرة موروثة عبر الأجيال تتناقل .
الثلاث أنواع من المتلازمة والتي سبق الحدث حولهم يمكن اعتبارهم مرض جيني، وبالأخص خلل الكروموسومات لكن هناك تدخل وراثي في الإصابة بالمرض، إذ إن هناك نحو 1% فقط من الحالات قد تنتقل بشكل وراثي بين الأجيال، وهو النوع الخاص بطفرة النقل من كرموسوم لكرموسوم آخر في التبادل يمثل 3%.
إذا ما كان الأب حاملاً لهذا النوع من الطفرة الجينية لكن إذا كانت الأم هي التي تحمل هذه الطفرة الجينية فتصل نسبة التكرار من 10 % إلى 15% لكل حالة حمل، في الواقع أغلب حالات متلازمة داون تحدث هكذا من أقدار الله التي تقع بسبب أو بغير سبب.
وليس للوراثة دور كبير في حدوث الاضطراب، ولكن الجانب الوراثي يلعب في ثلث الحالات التي تتعلق بنقل الكروموسومات، لذا يجب عمل كافة الفحوصات الطبية الوراثية مع بداية كل حمل للاطمئنان ،واتخاذ الاحتياطات اللازمة .
تعرف على مراكز الإعاقة الذهنية في البحرين
ما هي نسبة حدوث الإصابة بالمتلازمة ؟
بالرغم من أن نسبة 75% من الأجنة المصابة بمتلازمة داون كرموسوم 21 الثلاثي يحدث لها إجهاض بشكل تلقائي أي بدون أي تدخل طبي، ولكن مع هذا يقدر الله عز وجل ما يشاء فيولد طفل من بين 800 ولادة حي، وتكتب له الحياة ليعيش بمتلازمة داون أو الطفل المنغولي كما تعرف به .
وهناك 80% تقريباً من الأطفال المصابين بمتلازمة داون تكون أعمار أمهاتهن لا تتجاوز الخامسة والثلاثين من العمر، مع أن احتمال ولادة فل مصاب بمتلازمة داون يزداد مع زيادة العمر للمرأة، ويرجع السبب في ذلك كون معظم المواليد سواء كانوا أصحاء، أو غير أصحاء يولدون لأمهات أعمارهن أقل من 35 سنة.
ولكن لا يرتبط الإصابة بمتلازمة داون بعمر الأم ويمكن إصابة متلازمة داون لأطفال الأمهات مختلفة العمر، ولكن احتمالية الإصابة تزيد مع التقدم بالعمر وهذه الحقيقة أثبتتها الأبحاث العلمية الحديثة .
لذا تشير الأبحاث إلى أن احتمالية الإصابة في المواليد الأحياء تكون 1 من بين كل 900 طفل إذا كان عمر الأم أقل من 30 سنة، بينما تزيد الإصابة بمتلازمة داون لتصل إلى 1 من بين كل 40 عندما يصبح عمر الأم في الخامسة والأربعين فما فوق .
وتزداد احتمالية تكرار الإصابة ب داون بعد إصابة طفل واحد بمعدل 1% تقريباً، ولكن في حين أن تكون أعمار الأمهات فوق سن 35 سنة فإن احتمالية الإصابة تصل إلى أربعة أضعاف، حيث يصاب نصفهم بمتلازمة داون ونصفهم الآخر يصابوا بالخلل في الكروموسومات الأخرى .
بحسب دراسات أجريت حول المتلازمة أفادت بأن متلازمة داون الناتجة عن الانتقال الكرموسوم رقم ” 21 ” ، ففي أقل من نصف الحالات يكون أحد الأبوين يحمل نفس الانتقال في خلاياه، ولكن يكون هذا الانتقال بشكل موزو.
بينما تكون احتمالية الإصابة بالاضطراب الكروموسمي 21 الثلاثي تصل إلى 10% في حين تكون الأم هي التي تحمل للانتقال، بينما تكون احتمالية الإصابة 2.5% في حينما يكون الأب هو الحامل للانتقال الصبغي، لكن مع كون الوالدين أصحاء فإن احتمالية الإصابة بمتلازمة داون لا تصل إلى 1%.
ما هي أنواع متلازمة داون ؟
بحديثنا حول المتلازمة سنوضح أنواع هذه المتلازمة كالآتي:
1_ النوع الأول
النوع الأول هو أكثر أنواع المتلازمة شيوعاً، ويحدث نتيجة جود نسخة كاملة من الكروموسوم، وهذا بسبب فشل في الانفصال في الكروموسومات أثناء الانقسام الميوزي في خلايا البويضة، أو في الحيوانات المنوية في مرحلة تكوين الجنين، ولذا يكون عدد الكروموسومات 47 بدلا من 46، ويكون الزيادة في كرموسوم 21 حيث يصير 3 نسخ بدلا من نسختين .
2_ النوع الثاني
النوع الثاني منها يكون من خلال الخلل الحاصل عند تبادل الجينات بين الكروموسومات، فقد يحدث بعض الخلل فيحدث عدم التوان وتتكون مجموعة من الكروموسومات بها زيادة من كرموسوم 21، ورغم أن عملية التبادل مرحلة طبيعية طبيعي، وهي المسؤولة عن الصفات الوراثية ويمثل هذا النوع قرابة 4% من الحالات.
وبالرغم من أن عدد الكروموسومات 46 فقط إلا أن هناك نسخة جزئية من كرموسوم 21 يتم نقلها علي كرموسوم رقم 14 ، ويكون الأب والأم حاملان لهذه الطفرة وتكون نسبة تكرار حالة داون في العائلة كبيرة، ولا يرتبط بتقدم عمر الأم سواء فوق 35 من العمر أو أقل من هذا السن .
3_ النوع الثالث
وجود نوعين من الخلايا وفي هذا النوع يكون الطفل لديه نوعين من الخلايا، فبعض الخلايا به العدد الطبيعي والشكل الطبيعي للكروموسومات، والبعض الآخر من الخلايا به خلل جيني متمثل في نسخة إضافية من كرموسوم 21، وهذا النوع يمثل حوالي 1% من حالات داون ومعظم الصفات تكون أقل في الحدة، وتكون نسبة حدوث هذا النوع في العائلة صغير .
هل يمكن علاج متلازمة داون ؟
لا شك أن التدخل المبكر يساعد بشكل كبير مع الرضع والأطفال المصابين بمرض المتلازمة، ويحدث فارقاً كبيراً في إدراك قدراتهم ونوعية حياتهم، ويتم الاستعانة بالمختصين من أجل عمل برامج تحفيزية في سن مبكر من خلال الأنشطة الحسية والمعرفية، وتحتاج البرامج إلى اختصاصيين لديهم قدرة في مساعدة الأطفال في تنمية المهارات الاجتماعية واللغة ومهارات المساعدة الذاتية لحل متلازمة داون .
من خلال وسائل الإخصاب المساعد والأجهزة الحديثة أصبح من الممكن فحص الأجنة من الناحية الوراثية، والتأكد من سلامتها قبل زرعها في الرحم، وربما في الوقت اللاحق تتيح هذه التقنيات للأشخاص المصابين بالمتلازمة إنجاب أطفال طبيعيين على الرغم من صعوبة الأمر في الوضع الراهن، لكن مع التطور الحاصل في مجال علاج الاضطرابات لدى الأطفال ينبئ بمستقبل باهر، وطفرة علمية كبرى في علاج الأمراض النفسية عند الأطفال .
أما عن مراكز علاج المتلازمة في الوقت الراهن لا يوجد علاج للمتلازمة لكن لا زالت الأبحاث تتم على الأطفال المصابين بمتلازمة داون، وهناك مركب يعرف بـ ” sonic hedgehog pathway agonist ” وقد تم تجربة المركب على الفئران، وقد أثبت العلاج فعالية في علاج صعوبة التعلم لديها لكن إلى هذا الوقت لم يثبت مدى أمانه على البشر بسبب متلازمة داون.
خلاصة الحديث عن داون:
داون أحد أشهر التشوهات الكرموسومية شيوعاً وتحدث في جميع الشعوب، وفي كل الطبقات الاجتماعية في جميع بلدان العالم، وليس هناك علاقة بين المتلازمة والغذاء أو الأدوية وسوء استخدام العقاقير، كما أن الاضطراب لا علاقة له بحدوث مرض للأب أو الأم سواء قبل الحمل أو بعد الحمل، وهناك علاقة علمية وحيدة ثبتت من خلال الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة، والتي أبانت بان هناك ارتباط بين مرض الطفل المنغولي (متلازمة داون)، وعمر الأم فكلما تقدم عمر المرأة زادت احتمالية إصابة الجنين بمتلازمة كرموسوم 21 الثلاثي .