لا يزال المدمن غير مقبول اجتماعيًا ويُنظر إليه بازدراء ولوم لعدم امتلاكه القوة والإرادة للإقلاع عن التعاطي والشرب، ودائما ما يُفكر المجتمع في الإدمان على أنه ما هو إلا فشل أخلاقي، فهل حقًا المدمن يستحق تلك النظرات اللوامة والحكم القاسي بأنه شخص مُجرم يستحق أقصى درجات العقوبة والسخرية، أم هناك آراء أخرى تحاول تغيير هذا الاعتقاد؟
يحاول هذا المقال توضيح لماذا المدمن غير مقبول اجتماعيًا وما هي وجهة نظر المجتمع تجاه المدمن؟ وماهي مُشكلات أو معوقات التعافي من الإدمان، وهل هناك تأثير أو دور للمجتمع في عملية تعافي المدمن من الإدمان؟ وإضافة إلى ذلك توضيح مشاكل التعافي من الإدمان في الكويت.
تعرف على وجهة نظر المجتمع تجاه المدمن
المدمن غير مقبول اجتماعيًا، حيث ينظر المجتمع إلى المدمن بشكل مختلف حسب الثقافة والمجتمع الذي يعيش فيه، في بعض المجتمعات، ينظر إلى المدمن على أنه شخص ضعيف الإرادة وغير قادر على التحكم في نفسه، في حين ينظر إليه في مجتمعات أخرى على أنه شخص مصاب بمرض عقلي يحتاج للدعم والمساعدة للتغلب على إدمانه.
المدمن غير مقبول اجتماعيًا لماذا؟
كثير من الأشخاص يشعرون بالاستياء والانزعاج من المدمن وقد يقومون بإبعاده عن المجتمع، في حين توجد مجتمعات تحاول دفء المدمن والبحث عن طرق للتأثير عليه لإيقاف إدمانه، فمن هم على صواب من بين هؤلاء؟
على الرغم من أن المدمن غير مقبول اجتماعيًا والأفراد بالمجتمع ينظرون إلى السلوك الإدماني بعدة طُرق مُختلفة استنادًا إلى معتقداتهم ومواقفهم، إلا أن المجتمع يحتاج إلى رؤية شاملة له.
مما لا شك فية أن الإدمان هو أحد المُشكلات الملحة في العصر الحالي، لأن نسبة كبيرة من الأشخاص يعتقدون أن إدارة الرغبة بشكل أفضل يكون عن طريق تعاطي المُخدرات بأنواعها المختلفة، لأنهم غير قادرين على ضبط النفس وموازنة الأمور وحل المُشكلات بشكل فردي.
المجتمع ينظر إلى المُدمنين بازدراء والإدمان على أنه جريمة، على الرغم من أنه مرض طبي مماثل لبقية الأمراض العضوية الطبية الأخرى مثل مرض الربو والسكري، ودون النظر إلى التقدم الكبير في علاج الإدمان الذي حدث خلال السنوات القادمة، إلا أن لا يزال المدمن غير مقبول اجتماعيًا، ولم يتغير الكثير في الطريقة التي ينظر بها أفراد المجتمع إلى المُدمنين على أنهم بشر.
ينظر المجتمع إلى المدمنين على الكحول بأنهم المشردون، والمدمنون، والحشاشون، وفي الحقيقة أن أضرار المخدرات لا تقتصر على الآلام الجسدية فقط، بل أنه أيضًا مرض عقلي وروحي وتوابع هذا التدهور الجسدي والعقلي ما هي إلا تدهور أخلاقي وسلوكيات يحكم عليها المجتمع بأنها غير مرغوب فيها مثل، الكذب، والغش، والسرقة، والتهور وانتشار الجرائم ولهذا السبب يكون المدمن غير مقبول اجتماعيًا.
فبدلًا من أن يكره المجتمع مرض الإدمان ويقتنع أفراده بأنه مرض قد يتعرض لها الجميع، يكره المجتمع المُدمن ويتهمونهم بأنهم أناس سيئون وهذا الاتهام قد يكون سبب في اقتناع المدمن بأنه شخص سيء ويشعر بالإحباط وفقدان الأمل للعودة مرة أخرى والتعافي من التعاطي، وأنهم يعيشون بلا قيمة لذا يستمرون في دوامة الإدمان المُنحدرة التي لا قيمة لها.
لذا لا بد من تغيير نظرة المجتمع أن المدمن غير مقبول اجتماعيًا، لما له تأثير كبير على علاج المدمنين والتعافي من الإدمان، ومن خلال الفقرة القادمة سنتعرف سويًا على كيفية تغيير النظرة المجتمعية للمدمن
قد يهمك التعرف على: الوظائف التي ترتبط بالسلوك الإدماني
كيفية تغيير النظرة المجتمعية للمدمن
لا بد من إيجاد اتجاهات جديدة لتدعيم دور المجتمع في مواجهة الإدمان ومن أهمها هو تغيير نظرة المجتمع تجاه اعتقاد الأفراد بأن المدمن غير مقبول اجتماعيًا، لأنه لم توجد فعالية ملحوظة في مساعدة المجتمع بشكل جماعي على تحقيق المتطلبات اللازمة لتجنب السلوك الإدماني، والأمل الوحيد لإنهاء هذا الوباء المتزايد هو تغيير طريقة تفكير المجتمع وقبول الإدمان بأنه مرض.
ويمكن تغيير نظرة المجتمع حول المدمن غير مقبول اجتماعيًا عن طريق التالي:
- التثقيف والتوعية: يجب توعية المجتمع وتغيير النظرة الشاملة للإدمان، وذلك بأن الإدمان هو مرض قد يصاب به أي شخص، ويمكن استخدام وسائل الإعلام المختلفة لنشر الوعي حول هذا الموضوع.
- اعتراف المدمن بإدمانه وطلب المساعدة: يجب على المدمنين أن يفصحوا عن مشكلاتهم وأسبابها، وكذلك عن جهودهم للتغلب على إدمانهم، لأن هذا يساعد في إزالة الصورة النمطية للمدمن من قِبل المجمتع كشخص ضعيف أو فاسد.
- التغير في لغة المجتمع: يجب تغيير لغة المجتمع حول الإدمان، بحيث تكون أقل اتهامًا وأكثر تفهُّمًا، فعلى سبيل المثال، يجب استخدام مصطلح (الشخص المصاب بالإدمان) بدلاً من المدمن.
- دعم البرامج العلاجية: يجب دعم البرامج العلاجية التي تساعد الأشخاص المصابين بالإدمان من أجل التغلب على مشكلاتهم، وذلك عن طريق توفير المزيد من الإمكانيات والتمويل لهذه البرامج، حيث التمويل نحو علاج الإدمان سيقلل بالطبع من الجريمة، كما يعالج الأسباب الكامنة وراء الإدمان.
- التعاطف والتفهم: يجب أن يكون المجتمع أكثر تعاطفًا وتفهما مع الأشخاص المصابين بالإدمان، ويجب تقدير جهودهم في التغلب على هذا المرض وتشجيعهم باستمرار على الصمود ومواجهة معوقات التعافي من الإدمان.
كيفية تعامل الأسرة مع المدمن؟
هناك عدة نقاط لا بد من أن تلتزم بها الأسرة خلال تعاملها مع المُدمن وذلك بجانب تغيير نظرة المجتمع بأن المدمن غير مقبول اجتماعيًا ، وفيما يلي أهمها:
- الدعم النفسي: يجب على الأسرة أن تقدم الدعم النفسي للمدمن، حتى يشعر بالأمان والراحة، وذلك من خلال التحدث معه والاستماع إلى مشاكله دون تعصب أو نفور منه وإظهار له مشاعر الضيق.
- التواصل المفتوح: يجب على الأسرة التحدث بصراحة مع المدمن والتعبير عن مخاوفهم وأسئلتهم بشكل واضح وصريح.
- تقديم المساعدة: يجب أن تقدم الأسرة المساعدة للمدمن في إيجاد طرق جديدة لتخفيف التوتر والإجهاد، كالذهاب إلى نادي رياضي أو تطوير هواية.
- تشجيع المشاركة في برامج علاجية: يجب على الأسرة دائمًا تشجيع المدمن للانضمام إلى برامج علاجية، حتى يستطيع الخروج من هذه الحالة.
- التغذية الصحية: مما لا جدال فيه أن التغذية الصحية تُساعد في الشعور بالتحسن والتخفيف من أعراض الإدمان، لذلك يجب على الأسرة تقديم نصائح حول التغذية السليمة.
كيف تساعد شخص على التعافي من الإدمان؟
يمكنك مساعدة المدمن في التعافي من الإدمان من خلال اتباع النقاط التالية:
- تقديم الدعم المعنوي: يجب أن يشعر المدمن بأنه محبوب ومدعوم، وذلك من خلال تقديم الدعم المعنوي له، والاستماع إلى مشاكله وتحفيزه على مواصلة العلاج.
- تقديم الدعم المادي: قد يحتاج المدمن إلى دعم مادي في بعض الأحيان، فلا تتردد في تقديم المساعدة المالية له.
- التوجيه إلى مركز علاجي: يجب أن يتم توجيه المدمن إلى مركز علاجي مرخص ومعتمد يحصد مزيد من تجارب الحالات التي تعافت بالفعل من الإدمان دون حدوث انتكاسات مثل مستشفى اختيار لعلاج الإدمان والطب النفسي، حيث تتولى الفرق الطبية المتخصصة ذات الخبرة العالية إرشاده وتقديم الرعاية اللازمة له.
- الصبر والثبات: قد يستغرق التعافي من الإدمان وقتًا طويلًا، لذلك يجب أن تلتزم بالصبر والثبات في دعم المدمن حتى يستطيع التغلب على إدمانه.
- التفاؤل: يجب أن تظهر التفاؤل والأمل للمدمن، حتى يشعر بالثقة في قدرته على التغلب على إدمانه والعودة إلى حياته الطبيعية.
التعرف جيدًا على كيفية مساعدة المدمن في التعافي من العوامل التي تساعد بدرجة كبيرة في التعافي والعلاج الصحيح من الإدمان.
حول معوقات التعافي من الإدمان
بالطبع هناك العديد من الأمور التي تعوق عملية التعافي من الإدمان بجانب تعنت وإصرار المجتمع بأن المدمن غير مقبول اجتماعيًا، من بينها الآتي:
- صعوبة الحصول على العلاج: بسبب قلة المراكز العلاجية في المكان الذي يقطن به المدمن.
- علاج الإدمان على المخدرات في المنزل: لأن علاج الإدمان يتطلب رعاية طبية من الكوادر الطبية والمتخصصين باستمرار لمواجهة أعراض انسحاب المخدرات من الجسم.
- قلة التوعية: لا يزال هناك قلة في التوعية حول خطورة تعاطي المخدرات وأضرارها، وهذا يؤدي إلى زيادة أعداد المدمنين، لذا تحرص د منى اليتامى باستمرار على إنشاء حملات للتوعية والدعم مثل حملة كنت بمكانك.
- صعوبة إيجاد فرص عمل: بسبب التحديات الاقتصادية التي تواجه الكويت، فإنه من الصعب على بعض المدمنين إيجاد فرص عمل، وهذا يؤثر سلبًا على فرص التعافي.
- ضغط المجتمع: يواجه المدمنون في الكويت ضغطًا من المجتمع، حيث يتعرضون للتمييز والإهانة، مما يؤدي إلى تدهور حالتهم النفسية وصعوبة التعافي.
مشاكل التعافي من الإدمان في الكويت
بينما نتحدث عن موضوع المدمن غير مقبول اجتماعيًا، يجب أن نُظهر مُشكلات التعافي من الإدمان في الكويت، حيث واجهت الكويت مشاكل في التعافي من الإدمان، وتشمل بعض هذه المشاكل التالي:
- رغبة المدمن الشديدة والملحة في تناول المخدرات أو الكحول.
- التعرض للضغوط والتوتر في الحياة اليومية.
- غياب دعم من الأسرة أو الأصدقاء.
- عدم وجود بيئة صحية وآمنة.
- التعرض للإغراءات والفرص المغرية لتناول المخدرات أو الكحول.
- عدم الالتزام بالبرامج العلاجية المقدمة.
- سوء اختيار المركز العلاجي ومن ثم يجد المدمن صعوبة في التعامل بشكل صحيح مع مغريات التعاطي مرة أخرى.
- عدم معالجة المشاكل النفسية التي قد تكون سببًا في تعاطي المخدرات أو الكحول.
- التغافل عن اكتشاف مصادر الإدمان الجديدة، مثل التسوق المفرط، ألعاب الفيديو، والإنترنت.
خلاصة موضوع المدمن غير مقبول اجتماعيًا
يرجع السبب الكامن وراء أن المدمن غير مقبول اجتماعيًا إلى اعتقاد الأفراد بأن الإدمان ينجم عن سوء أخلاق المدمن وانعدام تربيته الصحيحة وسلوكياته التابعة لمرحلة ما بعد الإدمان، ولكن في الواقع أن هذا الاعتقاد قد يحمل شيء من الخطأ، وذلك لأن من بين أسباب الإدمان هو الإصابة ببعض الاضطرابات العقلية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر… وما إلى ذلك.
لذا لا بد من تغيير نظرة المجتمع تمامًا حول المدمن والإدمان، واتباع كافة السُبل والوسائل المهمة التي تساعد المدمنين في العلاج من الإدمان لمواجهة هذا الوباء المُتفشي في كافة البلدان.