تخطى إلى المحتوى

كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية؟

كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية؟

ربما شعرت بسعادة غامرة كلما أضفت منتجًا جديدًا إلى سلة التسوق، وكأنها تملأ فراغًا بداخلك، ولكن سرعان ما تتلاشى هذه السعادة، لتجد نفسك تبحث عن شيء آخر يعيد إليك ذلك الشعور الذي لا تجده إلا في التسوق الذي تحول إلى إدمان حتى تراكمت الديون، ودُمرت العلاقات، فهل تعرف كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية؟

كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية 

قد لا يؤثر إدمان التسوق على الصحة العضوية أو الجسدية، ولكن تأثيره على الصحة العقلية، والعلاقات الشخصية بليغاً، فلا يمكن تجاهله.

الشراء القهري والصحة العقلية

يشعر مدمن التسوق بالعار، والندم بعد الشراء بسبب عدم قدرته على التحكم في نفسه، وإنفاقه غير المبرر لشراء أشياء لا يحتاجها.

ويفكر مدمن التسوق في الشراء طوال الوقت، إذ يفكر في الصفقة القادمة بعد انتهاء الصفقة الأولى مباشرةً، وكلما كان مكتئباً أو قلقاً أو غضباناً، يشتري أكثر بمبالغ أكبر.

يلجأ المريض إلى التسوق هرباً من مواجهة المشاعر السلبية التي يواجهها المريض في حياته اليومية.

وفي إطار الحديث عن كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية، إذ يرتبط اضطراب الشراء القهري بعدة أمراض نفسية أخرى قد تكون أكثر خطورة من إدمان التسوق، مثل:

  • التغيرات المزاجية.
  • اضطراب القلق العام.
  • اضطرابات الطعام.
  • اضطراب التحكم في الانفعالات.
  • اضطراب الوسواس القهري.
  • اضطراب ثنائي القطب.
  • جنون العظمة.
  • اضطراب ما بعد الصدمة.

يُعد الاكتئاب من أهم التأثيرات الجانبية الضارة التي تسبب هوس الشراء خاصةً بعد ظهور التسوق الإلكتروني الذي يسبب نتائج وخيمة عضوية، ونفسية بعد زيادة استخدامه في السنوات الأخيرة.

وتأكيداً على حديثنا عن كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية، فأن من بين كل 20 مريضاً بإدمان التسوق، يوجد 19 مريضاً مصاباً باضطراب ثنائي القطب المزمن.

يمارس مدمن التسوق الشراء دون وعي، ولا يملك القدرة على التخلص من هذه الأعراض مثل مدمن المخدرات أو الكحول بسبب الشعور بالوحدة، والاكتئاب، والقلق الذي يدفع المريض للتسوق هرباً من هذه المشاعر السلبية.

كما انضم اضطراب القلق العام إلى قائمة الأمراض النفسية التي ترتبط بالشعور بالخوف من المستقبل، وبسبب تلك الأمراض النفسية، يشعر المريض بالوحدة، ويميل للعزلة، والتوتر الذي يلقي به في حفرة التسوق الإلكتروني.

قد يكون إدمان التسوق تحدياً كبيراً لمن يعانون من اضطراب ثنائي القطب أو اضطراب الشخصية الحدية، فكلاهما يرتبطان بالسلوكيات الاندفاعية، وعدم الاستقرار العاطفي.

بالإضافة إلى استخدام مريض اضطراب الشخصية الحدية الشراء كوسيلة تساعده على مواجهة الشعور بالفراغ، والوحدة، وانعدام الثقة بالنفس.

اقرأ أيضاً

ما الأسباب النفسية لإدمان التسوق؟

الشراء القهري والعلاقات الشخصية 

يدمر هوس الشراء العلاقات الشخصية مع الأسرة، والأصدقاء بسبب كثرة الكذب بشأن المال الذي ينفقه المدمن، والديون المتراكمة بسبب كثرة الاقتراض ممن حوله أو من كثرة استخدام بطاقات الائتمان، وعدم القدرة على سدادها.

كما يسبب إدمان التسوق الشعور بالاكتئاب، والإحباط بسبب صعوبة تكوين علاقات عاطفية مستقرة تنتهي بالزواج بسبب الحالة المادية المزرية.

لذلك كلما سارع المريض بطلب المساعدة، والعلاج، كلما استطاع حماية نفسه من العواقب الوخيمة لإدمان التسوق، والعودة إلى سلوكياته الطبيعية في التعامل مع الشراء، وإنفاق المال.

ما العلاقة بين إدمان التسوق وإدمان المخدرات؟

بجانب الحديث عن كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية، فهناك بعض الجوانب الخفية التي لم نتطرق لها من قبل، وهي إدمان المخدرات، والكحول. 

يتشابه إدمان التسوق مع إدمان المخدرات، والكحول في خطواته، وتأثيره، فكلاهما يؤثران على الدماغ من خلال إفراز هرمون الدوبامين الذي يسبب الشعور بالسعادة، والنشوة، مما يدفع المدمن إلى التكرار أكثر من مرة.

وعندما يتقابل إدمان التسوق مع إدمان المخدرات أو الكحول تصبح النتيجة كارثية، إذ قد يستبدل المدمن المخدرات بالتسوق، وإنفاق الأموال، أي يستبدل إدمان بإدمان آخر.

اقرأ أيضاً

ما تأثير إدمان التسوق على الحياة وكيفية التغلب على إدمان التسوق؟

ما سبب الشراء القهري؟

لا يختلف مدمن التسوق عن مدمن المخدرات في الأسباب التي تدفعه للشراء، فكلاهما يسعيان نحو هرمون الدوبامين الذي يسبب السعادة، وعندما ينتهي هذا الإحساس يفكرون في الصفقة الشرائية التالية أو جرعة المخدرات القادمة.

وعندما نتحدث عن كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية، فلا بد من الحديث عن أسباب الشراء القهري التي تتمثل في الآتي:

  • يشعر المريض بالوحدة، والنقص، مما يدفعه إلى الشراء لملء هذا الفراغ.
  • القلق، والاكتئاب.
  • يشعر المريض وكأنه صاحب قرار عند الشراء.
  • يوفر الشراء الشعور بالراحة المؤقتة حتى وإن كانت بسبب صدمة في مرحلة الطفولة أو مرض نفسي.
  • قضاء الكثير من الوقت أمام منصات التواصل الاجتماعي التي تجعلك تشاهد الكثير من الإعلانات تؤثر في عادات الشراء الخاصة بالمريض.
  • الخوف من ضياع الفرص، والعروض الخاصة، مما يدفعك للشراء حتى وإن كنت لست بحاجة لهذه الأشياء.
كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية؟
كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية؟

كيف أعالج إدمان التسوق 

ينحصر الحديث عن كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية في عدة تقنيات نفسية، منها:

  • العلاج السلوكي المعرفي

يتمحور العلاج السلوكي المعرفي في التعرّف على المثيرات الحسية التي تثير إدمان التسوق لدى المريض لتجنبها، ومحاولة تغيير تفكير، وسلوكيات المريض من خلال البحث عن أنشطة بديلة للشراء لحمايته.

  • الجلسات النفسية الجماعية

يحفز العلاج الجماعي المريض على سرعة طلب المساعدة خاصةً بعد الاستماع إلى تجارب الآخرين، والصعوبات التي واجهوها في أثناء العلاج، وكيف تغلبوا عليها.

  • الأدوية

قد يوصي الطبيب باستخدام مضادات القلق، والاكتئاب مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية أو المضادات الأفيونية مثل النالتريكسون.

بل وقد يوصي أيضاً ببعض الأدوبة التي تساعد استقرار المزاج، والمشاعر مثل الليثيوم، واللاموتريجرين، وتساعد مرضى اضطراب الحدية على منع نوبات الجنون أو الهوس الخفيف.

بالإضافة إلى أدوية الانفصام التي تعالج التقلبات المزاجية، والسلوكيات الاندفاعية لمرضى اضطراب الشخصية الحدية.

  • العلاج السلوكي الجدلي 

إذا بدأنا الحديث عن كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية، فإن العلاج السلوكي الجدلي علاجاً نفسياً ممتازاً لمن يعانون من اضطراب الشخصية الحدية بسبب اعتماده على تنظيم المشاعر، وتحمّل الضيق، وكيفية التعامل مع الآخرين.

كما يساعد الأفراد على التحكم في المشاعر الصعبة دون الهروب إلى إدمان التسوق من خلال الوعي، ومهدئ للنفس.

  • العلاج المرتكز على العواطف (Emotion-Focused Therapy)

تساعد هذه التقنية النفسية على اكتشاف سبب المشاعر العاطفية التي تدفع للإدمان مثل الشعور بالفراغ، والرفض، وعدم الثقة بالنفس.

ومن خلال معرفة المشاعر السابقة، يستطيع المريض كسر الحلقة المفقودة التي تحفز على إدمان الشراء كوسيلة دفاعية لحماية النفس من العالم الخارجي.

  • العلاج الشامل (Holistic approach)

إذا عرفت كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية، فلا نغفل أهمية العلاج الشامل الذي يقف جنباً إلى جنب مع العلاج التقليدي من خلال تحسين الصحة الجسدية، والعاطفية لمن يعانون من هوس الشراء، ومن أهم أساليب العلاج الشامل:

  • اليقظة الذهنية

تساعد اليقظة الذهنية مثل الأدوية، وتمارين اليوجا على مقاومة هوس الشراء.

  • العلاج بالفن

تساهم الأنشطة التي تعتمد على القدرات الإبداعية في التعبير عن المشاعر السلبية، وتقليل الاعتماد على إدمان الشراء.

  • ممارسة الرياضة

تساعد ممارسة الرياضة بانتظام على تحسين المزاج، وتخفيف التوتر، ومنع السلوكيات الاندفاعية التي تحفز هوس الشراء.

كيفية التغلب على إدمان التسوق

بعد الحديث عن كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية، نستعرض أهم النصائح لمساعدة المريض على العلاج:

  • لا بد الاعتراف بأن إدمان الشراء هو سلوك يمكن تغييره، والتحكم فيه.
  • إذا كنت لا تملك القدرة على التحكّم في الشراء، والإنفاق، لا بد من الاستعانة بالمتخصصين.
  • اسأل نفسك هل حقاً تحتاج إلى تلك الأشياء التي ستشتريها؟
  • اسأل نفسك عند الشراء هل هناك مشاعر سلبية تحاول الهروب منها؟
  • اكتب قائمة تساعدك في معرفة الفرق بين الرغبات، والاحتياجات، فإذا لم تجد هذه الأشياء في القائمة، لا تشتريها.
  • حدد ميزانية للتحكم في الإنفاق، وتتبع المشتريات شهرياً.
  • التخلص من تطبيقات التسوق الإلكتروني من على الموبايل.
  • الحد من سهولة الوصول لبطاقات الائتمان، ومنصات التسوق الإلكتروني.
  • استخدام الدفع من خلال الكاش فقط، لمنع زيادة الإنفاق.

الخلاصة 

إن الحديث عن كيف يؤثر إدمان التسوق على الصحة العقلية والعلاقات الشخصية، يتمحور حول وجود إدمان سلوكي قوي يحتاج إلى مقاومة المريض، وإذا كان من الصعب التخلص منه، فلا تتردد في طلب المساعدة من المتخصصين حتى وإن كنت تشعر بالحرج.

المصادر

arArabic